تاريخ النشر15/01/2015 11:47:21 AM تاريخ التعديل15/01/2015 1:12:45 PM تغير مفاجئ في سياسة البنك المركزي السويسري دفع إلى ارتفاع قيمة الفرنك السويسري أمام العملات الرئيسية، لا سيما أمام اليورو والدولار الأمريكي، وذلك عقب قيام البنك بالتخلي عن سياسة تثبيت سعر صرف اليورو أمام الفرنك السويسري ضمن قرار مفاجئ هز الأسواق المالية، ولربما يعطي هذا القرار علامات عمّا يدور خلف الكواليس بين أروقة البنوك المركزية الرئيسية. وقف سياسة تثبيت سعر صرف اليورو أمام الفرنك عند مستوى 1.20 فرنك لكل يورو لتوترات والأزمات المالية عادة ما تدفع المستثمرين للبحث عن ملاذ آمن للاستثمار، ولطالما كان الفرنك السويسري العملة المفضلة من قبل المستثمرين، كما هو الحال بالنسبة للين الياباني، ولكن مع تزايد الطلب على الفرنك بعد اندلاع الأزمة المالية العالمية في 2008، وتفاقم أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو فيما بعد، تأثر الاقتصاد السويسري بشكل سلبي، لا سيما بالنسبة للصادرات. تمثل الصادرات نحو 52% من الناتج المحلي الإجمالي السويسري (تقديرات البنك الدولي 2013)، وتعتبر منطقة اليورو الشريك التجاري الأكبر للاقتصاد السويسري، وتستحوذ على 45.5% من إجمالي الصادرات، مما يؤكد على مدى الارتباط الوثيق بين الاقتصادين. منذ سبتمبر/أيلول 2011، قام البنك المركزي السويسري بالتدخل المباشر في أسواق العملات للحفاظ على قيمة الفرنك أمام اليورو، بحيث قام البنك بتثبيت سقف ارتفاع الفرنك أمام اليورو عند مستوى 1.20 فرنك لكل يورو، وذلك عن طريق شراء كميات غير محدودة من اليورو في أسواق العملات الأجنبية (الفوركس). أسباب القرار المفاجئ أعلن البنك المركزي السويسري بشكل مفاجئ -لم يكن في حسبان المتعاملين في الأسواق- تخليه عن سياسة تثبيت سعر الصرف الفرنك أمام اليورو، وذلك في ظل التغيرات الجديدة التي طرأت على الساحة الأوروبية، لا سيما مع اقتراب البنك المركزي الأوروبي من تطبيق سياسات التخفيف الكمي. يأتي ذلك على الرغم من تأكيد نائب محافظ البنك المركزي السويسري جان بيير دونتين يوم الأحد الماضي في لقاء تلفزيوني على أن البنك بصدد الاحتفاظ بسياسة تثبيت سعر صرف اليورو أمام الفرنك، وأنها أحد الأعمدة الرئيسية للسياسة النقدية للبنك المركزي السويسري. البنك المركزي السويسري أعلن على هامش قراره المفاجئ بأن تطبيق سياسة تثبيت سعر الصرف كان في وقت استثنائي، بسبب حالة عدم التأكد بشأن الوضع في الأسواق المالية (يقصد فترة أزمة الديون السيادية في أوروبا)، وهذه السياسة النقدية الاستثنائية ساهمت في حماية الاقتصاد السويسري من مخاطر جمة. وأشار البنك المركزي السويسري إلى أنه وعلى الرغم من ارتفاع قيمة الفرنك بشكل عام، إلّا أن حالة التقييم المبالغ فيها للفرنك السويسري تضاءلت منذ تطبيق سياسة تثبيت سعر الصرف، وبالتالي أصبح بالإمكان استغلال هذه النتيجة في تغيير توجه دفة السياسة النقدية، وهذا أحد الأسباب الأولية لقرار المركزي السويسري المفاجئ. اختلاف السياسة النقدية بين البنوك المركزية الرئيسية من ضمن الأسباب الرئيسية التي دفعت بالبنك المركزي السويسري للتخلي عن سياسة تثبيت سعر صرف الفرنك أمام اليورو -بحسب ما صدر عن البنك المركزي السويسري- يتلخص بحالة الاختلاف الجذري بين السياسة النقدية بين البنوك المركزية الرئيسية. الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) يتجه إلى رفع سعر الفائدة ودفع السياسة النقدية إلى الحالة الطبيعية لما قبل الأزمة المالية العالمية 2008. في المقابل، يتجه البنك المركزي الأوروبي إلى تطبيق سياسات التخفيف الكمي والتوسع في السياسة النقدية. هذا الاختلاف دفع إلى انخفاض قيمة اليورو أمام الدولار الأمريكي، وبالتبعية ضعف الفرنك السويسري أمام الدولار الأمريكي أيضاً. (يقصد هنا أن اليورو أصبح ضعيفاً بطبيعته، ويزيد الضغط على جهود البنك السويسري لخفض قيمة الفرنك). وبسبب ذلك؛ أصبح من غير المناسب الإبقاء على سياسات تثبيت سعر صرف الفرنك أمام اليورو. الجدير بالذكر أن البنك توسع في خفض سعر الفائدة لأجل ثلاثة أشهر من ما بين -1.25% و -0.25% من النطاق، إلى ما بين -0.75 و -0.25%. قرارات استباقية أم استسلام البنك السويسري؟ في كانون الأول/ديسمبر 2014، فاجأ البنك المركزي السويسري الأسواق من خلال خفض سعر الفائدة إلى المناطق السالبة، وذلك لأول مرة منذ عام 1970، عندما قامت الحكومة بفرض سعر فائدة بالسالب على ودائع الأجانب، ولكن في هذه المرة تم فرض سعر فائدة بالسالب على جميع الودائع التي تزيد عن 10 مليون فرنك. القرار تم تسعيره في الأسواق على أنه قرار استباقي، بل وعلامة تشير إلى إمكانية قيام البنك المركزي الأوروبي بتطبيق سياسات التخفيف الكمي، وهو الأمر الذي يضغط على البنك المركزي السويسري في المناورة معه، وذلك حتى يتمكن من حماية الاقتصاد. وقف سياسة تثبيت سعر الصرف من قبل البنك المركزي السويسري أضاف تأكيدات أكبر لدى المتعاملين في الأسواق، بأن البنك المركزي الأوروبي قد يطبق سياسات التخفيف الكمي في القريب العاجل، وربما في اجتماع البنك الأوروبي الأسبوع المقبل. يترتب على ذلك عدم قدرة البنك المركزي السويسري أو استسلامه في مواجهة الانخفاض القوي في قيمة اليورو أمام العملات الرئيسية، أو بالأحرى الاستمرار في الدفاع عن قيمة الفرنك من خلال شراء اليورو بكميات غير محدودة. قرار البنك المركزي السويسري يراه البعض على أنه تغير في استراتيجية البنك، وتفعيل الخطة البديلة حتى يخفف الضغوط من على ميزانية البنك ضمن فترة مؤقتة، والعودة مرة أخرى إلى سياسة تثبيت سعر الصرف. التداعيات الأولية لقرار البنك على الأسواق انخفض اليورو أمام الفرنك السويسري بواقع 3300 نقطة دفعة واحدة عقب قرار البنك المركزي السويسري، بانخفاض بلغت نسبته 28% في أقل من ساعة، وسجل اليورو أمام الفرنك السويسري مستوى 0.8657 فرنك لكل يوري قبل أن يرتد إلى مستويات 1.026 فرنك لكل يورو في تمام الساعة 11:35 توقيت غرينتش. أما الدولار الأمريكي فقد انخفض أمام الفرنك السويسري إلى أدنى مستوى منذ سبتمبر/أيلول 2011 ليسجل مستويات تداول 0.7867 فرنك لكل يورو. سوق الأسهم السويسري خسر حوالي 114 مليار دولار أمريكي في أقل من ساعتين، بنسبة 8.7%، ضمن أسوأ تراجع يومي منذ أكتوبر/تشرين الأول 1987. المصدر: icn.com نقل بواسطة: www.tijaraweb.com